تحقيق أمريكي يكشف شبكة تمويل وتسليح خفية تقودها أبوظبي
السودان 24 – وحدة التحقيقات الخاصة
في وقت تتسارع فيه التطورات الميدانية في السودان، تفتح صحيفة نيويورك تايمز الأميركية نافذة جديدة على واحدة من أخطر فصول الحرب السودانية: الدور السري الذي تلعبه دولة الإمارات العربية المتحدة في تمويل وتسليح مليشيا الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي”.
وبحسب تحقيق موسّع أجرته الصحيفة، واستندت فيه إلى مسؤولين رفيعي المستوى في الاستخبارات الأمريكية، فإن أبوظبي ليست مجرد داعم سياسي أو إعلامي كما تزعم، بل تقف في قلب شبكة دولية معقدة لتمويل المليشيا وتزويدها بالسلاح، في تحدٍ مباشر للقانون الدولي والضغوط الأميركية والغربية المتزايدة.
◼️ الملاذ الآمن في قلب أبوظبي: حميدتي تحت الحماية
وفقًا للمصادر الاستخباراتية الأمريكية، فإن الإمارات آوت حميدتي في فيلا فاخرة بأبوظبي، خضعت لحماية أمنية مشددة من قبل عناصر رسمية.
🔸 خلال تلك الإقامة، تمكن قائد قوات الدعم السريع من تسجيل خطابات موجهة لأنصاره داخل السودان، نُشرت لاحقًا على المنصات التابعة للمليشيا، في ما اعتُبر محاولة للحفاظ على حضور رمزي وزخم دعائي رغم غيابه الفعلي عن ساحة المعارك.
◼️ تشاد.. بوابة التهريب وساحة العمليات السرية
التحقيق يشير إلى أن أبوظبي لم تكتفِ بتوفير الملاذ الآمن، بل بدأت في تنفيذ خطة سرية لتزويد الدعم السريع بالأسلحة والذخائر عبر قاعدة جوية في شرق تشاد.
🔸 الاستخبارات الأميركية رصدت رحلات شحن عسكرية وهبوطًا غير مبرر لطائرات شحن إماراتية في مناطق خالية من الأنشطة التجارية.
🔸 تقع القاعدة ضمن نطاق السيطرة الإماراتية بموجب اتفاقيات عسكرية سرية مع حكومة تشادية محلية، وتُستخدم كمركز ترانزيت للأسلحة التي تُهرب لاحقًا إلى السودان عبر طرق صحراوية يصعب تتبعها.
◼️ الاتصالات المسجلة: حميدتي يتحدث مباشرة مع محمد بن زايد
أخطر ما كشفه التقرير هو اعتراض الاستخبارات الأمريكية لمكالمات هاتفية مباشرة بين حميدتي وعدد من القادة الإماراتيين، وعلى رأسهم:
-
محمد بن زايد آل نهيان – رئيس دولة الإمارات
-
منصور بن زايد آل نهيان – نائب رئيس الدولة ومالك نادي مانشستر سيتي
-
مسؤولون في جهاز الأمن الوطني الإماراتي، بينهم ضباط يشرفون على ملفات التدخل الخارجي في أفريقيا
📞 المكالمات تضمنت مناقشات متعلقة بالوضع الميداني في السودان، والتحركات العسكرية، وطلبات لدعم لوجستي عاجل.
◼️ منصور بن زايد.. مهندس الظل في استراتيجية “الدعم السريع”
يركز التحقيق الأميركي على الدور الخفي لـمنصور بن زايد، الذي يوصف بأنه “اللاعب الأكثر نفوذًا في الملفات الخارجية لدولة الإمارات”.
🔹 في فبراير 2023، استضاف منصور بن زايد حميدتي في قصره المطل على الخليج العربي، في لقاء لم يُعلن عنه رسميًا.
🔹 سبق اللقاء اجتماعات أخرى في معرض الأسلحة الدولي بأبوظبي عام 2021، حيث شوهد حميدتي وهو يتجول مع منصور بين أجنحة الطائرات المسيّرة والصواريخ.
🔹 بحسب مصادر الصحيفة، فإن منصور هو من يدير ملف السودان عبر وحدة خاصة داخل ديوانه، بالتنسيق مع جهاز الأمن الإماراتي وشبكة شركات وهمية مسجلة خارج الإمارات.
◼️ شركات وهمية وواجهة مدنية لتسليح المليشيات
كشفت التحقيقات الأميركية عن وجود شبكة معقدة من الشركات المسجلة في آسيا وأوروبا وأفريقيا، يديرها إماراتيون، وتُستخدم لتغطية عمليات شراء وشحن الذخائر والمعدات العسكرية.
📦 هذه الشركات تقدم نفسها كجهات “خاصة” تعمل في مجال الأمن أو الخدمات اللوجستية، إلا أن تعقب الأموال والتراخيص أظهر ارتباطها الوثيق بأبوظبي.
📌 الأموال المخصصة لشراء الأسلحة تمر عبر حسابات مالية متعددة تُدار من مكاتب داخل الإمارات، تحت إشراف مباشر من عناصر أمنية.
◼️ هل اعترف محمد بن زايد ضمنيًا بالدعم؟
في ديسمبر 2024، أجرى محمد بن زايد محادثة مع نائبة الرئيس الأمريكي السابقة كامالا هاريس، أعربت فيها الأخيرة عن قلق واشنطن من تهريب الأسلحة إلى الدعم السريع.
🔸 وبحسب نيويورك تايمز، فإن ابن زايد لم ينفِ بشكل قاطع، بل قال إن حميدتي “حليف سابق” ساعد الإمارات في الحرب في اليمن، وأنه “مدين له”، ما اعتبره بعض المسؤولين الأميركيين اعترافًا ضمنيًا بالدعم.
◼️ ضغوط أميركية ودعوات لمحاسبة الإمارات
تزايدت الضغوط داخل الأوساط السياسية الأميركية على إدارة الرئيس بايدن لاتخاذ موقف أكثر حزماً تجاه أبوظبي، خاصة بعد توثيق انتهاكات الدعم السريع بحق المدنيين في:
-
الخرطوم
-
الجزيرة
-
دارفور
-
كردفان
📌 المشرعون الأميركيون طالبوا بفرض قيود على صادرات الأسلحة إلى الإمارات، وفتح تحقيق دولي في دعمها المزعوم للميليشيا المتورطة في الإبادة الجماعية وجرائم الحرب.
◼️ سياسة “القوة الناعمة السوداء” تحت غطاء الرياضة والاقتصاد
يشير التحقيق إلى أن منصور بن زايد، المعروف باستثماراته الواسعة في مجال الرياضة، حاول تلميع صورته الدولية عبر تملكه لنادي مانشستر سيتي، بينما يدير في الخفاء تدخلات عسكرية وإقليمية في دول الصراع.
🔸 قال الدبلوماسي الأمريكي السابق جيفري فيلتمان:
“كنا ندرك دائمًا أن من يدير الملف السوداني في الكواليس ليس سوى منصور بن زايد”.
🧷 خاتمة: بين التوثيق والإنكار
في ظل النفي الإماراتي الرسمي لأي علاقة بالنزاع السوداني، تأتي هذه التسريبات والتحقيقات لتضع أبوظبي أمام سلسلة من الأسئلة الأخلاقية والقانونية:
-
كيف وصلت الأسلحة المتطورة إلى يد مليشيا غير نظامية؟
-
ما الغرض من تقديم ملاذات آمنة لقادة متهمين بجرائم حرب؟
-
وهل يمكن فصل ما يجري في الميدان عن قرارات سياسية تصدر من قصور الخليج؟
📌 السودان 24 يواصل التحقيق في التورط الإقليمي والدولي في الحرب السودانية، وسينشر في ملفات مقبلة خرائط شحن الأسلحة، ومسارات التهريب، وهويات الشركات المشاركة في تغذية آلة الحرب.
للتواصل مع وحدة التحقيقات أو إرسال معلومات موثوقة
📧 investigations@sudan24.news