“تسابيح مبارك”.. منبر التضليل الذي يجمّل الدماء بالكلمات
📌 المقدمة
زيارتها إلى الفاشر ليست حدثًا عابرًا؛ إنها عرضٌ مدوٍ للخطوط الحمراء التي يعتدي عليها بعض الإعلاميين عندما يتحولون من ناقلين للخبر إلى أدوات في حلبة الصراع. ظهرت تسابيح مبارك داخل مدينةٍ احتلتها قوات الدعم السريع، ثم غادرت المنصة الرقمية وكأن شيئًا لم يحدث — ومثّل ظهورها هذا شعيرةً لمرحلةٍ جديدة من الاستسلام الإعلامي لأجندات موازية.
🔍 الظهور المقصود أم التواطؤ؟
لم تمر الزيارة عبر قنوات رسمية أو عبر بروتوكولات صحفية واضحة. صور ومقاطع تداولها ناشطون وثّقَت وجودها داخل المدينة، وهو حضور لا يمنحه الحياد بل يغذّي الشكّ في نواياها.
منتقدوها لم يكتفوا بالصمت: وصفها عدد من الناشطين وكتاب الرأي بأنها نموذجٌ واضح لـ**”الارتزاق”** و**”اللهث وراء المال”**، وأن ظهورها جاء لخدمة صورة جهةٍ مسيطِرة لا لخدمة المهنة أو المتضررين.
🧾 ما الذي يمكن قوله بمهنية — وما الذي يطالب به الرأي العام؟
-
مهنية العمل الصحفي تَفرِض على أي مراسل أو إعلامي الكشف عن آليات دخوله إلى مناطق النزاع، وبيان من يموله أو يسهل وصوله.
-
غياب هذا الإيضاح يفتح الباب أمام اتهامات شعبية قاسية — من بينها اتهامات بـ”الارتزاق” و”التواطؤ الإعلامي” — وهي اتهامات متداولة وذات وقع كبير على مصداقية أي إعلامي يظهر في ظروف مماثلة.
-
لذلك، يحق للرأي العام أن يطالب بتوضيح فوري من القناة والناقلة حول ظروف الزيارة وبيان جهات التنسيق والتصاريح.
⚖️ بين النقد والاتهام: أين تقف الحدود؟
نحن لا نصدر حكماً قضائياً هنا؛ إنما نذكر أن الادعاءات والخطاب الشعبي الحاد الذي يصف سلوكها بـ”الارتزاق” يعكس غضبًا ومخاوف حقيقية من تسييس التغطية الإعلامية. ومن باب المهنية، يتعيّن على التغطيات أن تكون:
-
موثّقة بإفادات مصدرية وشفافة.
-
مصحوبة بتصريح رسمي عن ظروف الدخول ومنظّمي الزيارة.
-
مراعية لحساسية الوضع الإنساني وعدم استخدام المدنيين كخلفية بصرية للتصوير الدعائي.
🧨 الخاتمة
تسابيح مبارك قد لا تكون الوحيدة في ساحةٍ تشتري فيها قنوات ومُمَوّلون ولاءات إعلامية، لكن ظهورها في الفاشر جعل منها رمزًا لدى شريحة كبيرة من الجمهور: رمزًا لمن باع مهنته أو استعد لتسويق صورةٍ مقدّمة من قِبل قوّة يحتمل أنها ضالعة في انتهاكات جسيمة.
إذا كانت الإعلامية تسعى للحفاظ على سمعتها المهنية، فالمسار الصحيح الآن هو الشفافية الكاملة والتوضيح الفوري لكيفية دخولها ومَن سهّل لها الزيارة وما هي تحقيقاتها الميدانية المكتملة — لا تبريرات سطحية أو صور تُعيد إنتاج سرد الزوّار الخاضعين لقوى النزاع.
✍️ السودان 24 | وحدة الرصد والتحليل الإعلامي — عمود رأي
📧 mediawatch@sudan24.news