خرائط وصور ومطابقات.. كيف وصل الدعم السريع من ليبيا إلى دارفور؟
كشف مركز مرونة المعلومات (CIR) تحقيقًا فريدًا من نوعه، تمكن ولأول مرة من تحديد الموقع الدقيق لمعسكر عسكري تابع لمليشيا الدعم السريع (الجنجويد) داخل عمق الصحراء الليبية، وربط وجوده مباشرة بالهجوم الدموي على معسكر زمزم للنازحين بولاية شمال دارفور.
التحقيق لم يكتفِ بإثبات تدفق الأسلحة والمركبات إلى مليشيا الدعم السريع عبر الأراضي الليبية، بل فضح وجود معسكر ثابت للمليشيا على بعد 18 كيلومترًا فقط من موقع تصوير أحد المقاطع التي ظهر فيها قائد المليشيا حمدان كجيلي، الذراع اليمنى لعبد الرحيم دقلو، وهو يقف أمام مركبة لاندكروزر مدرعة استخدمت لاحقًا في الهجوم على زمزم. المقطع صُوِّر قبل أيام فقط من الهجوم، وبحضور عبد الرحيم نفسه.
باستخدام عشرات المقاطع التي نشرها مقاتلو الدعم السريع بأنفسهم، حلل فريق التحقيق التضاريس والتكوينات الصخرية وصور الأقمار الصناعية الأرشيفية. ورغم أن مساحة الصحراء المعنية تعادل مساحة فرنسا وإسبانيا مجتمعتين، تمكن الفريق من رصد بقعة ضوء ليلية جديدة عبر صور أقمار صناعية التُقطت قبل أسابيع من ظهور المقاطع. بمطابقة الأفق والصخور مع الصور المصورة ميدانيًا، نجحوا في تحديد الموقع بدقة غير مسبوقة.
المطابقة الدقيقة بين المعسكر الليبي، والمركبات، والقيادات الميدانية التي ظهرت في الهجوم، تقدم دليلًا لا يقبل التشكيك على العلاقة المباشرة بين القاعدة الخارجية في ليبيا والهجوم على زمزم، الذي أسفر عن تهجير عشرات الآلاف من المدنيين في واحدة من أبشع موجات العنف بحق النازحين في دارفور.
وبينما تتأخر قوافل الإغاثة في الوصول إلى آلاف الجياع في زمزم، تتدفق الأسلحة المعدلة والمركبات من عمق الصحراء الليبية إلى قلب دارفور، فمعسكر الدعم السريع في ليبيا ليس مجرد موقع عسكري، بل هو مركز عمليات عابر للحدود يُدار لتغذية حرب إبادة في السودان.