مجزرة ود مدني تتكشف.. مقابر جماعية خلفتها ميليشيا الدعم السريع في السودان
في جريمة جديدة تفضح سجل مليشيا الدعم السريع الدموي، ارتفع اليوم عدد الجثامين المنتشلة من المقابر الجماعية المكتشفة بمدينة ود مدني إلى 14 جثة، بعد استمرار أعمال النبش والتحقيقات داخل ساحة سينما حي الزمالك، التي تحولت خلال سيطرة المليشيا على المدينة إلى أحد مراكز الاعتقال والتصفية السرية.
وبحسب مصادر محلية موثوقة، عثرت السلطات الأمنية على ثلاث جثث إضافية صباح اليوم، لترتفع الحصيلة من 11 إلى 14 جثة، في واقعة تُعد من أبشع الجرائم المرتكبة في ولاية الجزيرة منذ اندلاع الحرب.
وتشير تحقيقات نيابة شرق ود مدني إلى أن الجثامين تعود لطلاب ومعلمين تم اختطافهم أثناء توجههم لأداء امتحانات الشهادة السودانية في منتصف كانون الأول/ ديسمبر 2024، حيث اعترضت قوة مسلّحة تتبع مليشيا الدعم السريع حافلة كانت تقل نحو 40 طالبًا ومعلمًا من منطقة مارنجان إلى مدينة المناقل.
وفي واحدة من عمليات الإخفاء القسري الممنهج، جرى اقتياد عشرة منهم إلى موقع مجهول، قبل أن يتم إعدامهم ميدانيًا ودفنهم جماعيًا داخل ساحة سينما الزمالك، التي كانت حينها إحدى مقرات المليشيا بالمدينة.
وأكد رئيس نيابة شرق ود مدني، علاء الدين خليفة، أنه تم حتى الآن التعرف على أربع جثث، بينها المعلمان دفع الله محمد عثمان ومحمد عووضة، والطالب محمد عدلي، وذلك عبر الملابس الشخصية وبعض المتعلقات.
وتواصل فرق الطب الشرعي والنيابة جهود التعرف على بقية الضحايا وسط حالة من الحزن والغضب الشعبي، خاصة مع ورود شهادات جديدة من مواطنين وأسر المفقودين.
لم تكن هذه المجزرة معزولة عن سجل الدعم السريع الدموي، فقد وثقت تقارير أممية وحقوقية منذ العام الماضي ارتكاب المليشيا عشرات المقابر الجماعية في مناطق سيطرتها بدارفور، الخرطوم، ومدن الوسط.
وكان تقرير لـ هيومن رايتس ووتش في آذار/ مارس 2025 قد أكد وجود مقابر جماعية في الفاشر والجنينة وشرق النيل، ضمت ضحايا مدنيين ومفقودين من أبناء القرى والطلاب والكوادر الطبية.
كما نشر موقع African Arguments تحقيقًا مطلع أيار/ مايو الماضي، كشف فيه عن شبكة من مراكز الاعتقال السرية التابعة للمليشيا في الخرطوم وود مدني، تحولت إلى مقابر جماعية بعد انسحابها.
تؤكد هذه الجريمة أن مليشيا الدعم السريع، ورغم تراجع نفوذها ميدانيًا، ما تزال تترك خلفها إرثًا من الرعب والمجازر الجماعية، مما يتطلب تحركًا دوليًا حقيقيًا لمحاكمة قادتها ومنع إفلاتهم من العقاب.
كما يعكس اكتشاف مقابر ود مدني عمق الجريمة الإنسانية التي تعرض لها الشعب السوداني خلال فترة الحرب، خاصة في المناطق المدنية التي تحوّلت إلى مسارح قتل جماعي وسط صمت دولي.