من هو حميدتي؟.. من رعاية الإبل إلى تجارة الدم والانقلابات
📌 الملخّص التنفيذي
محمد حمدان دقلو المعروف بـ«حميدتي» تصدر المشهد السوداني كقائدٍ بارز لفصيل شبه مسلّح — قوات الدعم السريع — التي نمت من جذور الجنجويد إلى قوة سياسية وعسكرية وميدانية لها نفوذ اقتصادي كبير، خاصّة عبر شبكة تجارة الذهب والأنشطة التجارية المصاحبة. أصابع الاتهام الدولية والمحلية تشير إلى أن هذا النفوذ تزامن مع سلسلة من الانتهاكات الخطيرة بحق المدنيين، وعلاقات خارجية أفقرت استقلال القرار السياسي في بعض محطات النزاع، بما في ذلك تقارير تربط تحركات الدعم السريع بداعمين إقليميين.
1 — النشأة والبدايات
-
وُلد محمد حمدان دقلو (المعروف حميدتي) في منتصف سبعينيات القرن العشرين في إقليم دارفور، وانخرط مبكراً في تجارة الإبل والماشية، وهو ما أعطاه علاقات قبلية وتجارية عبر حدود السودان مع تشاد وليبيا. هذا السياق القبلي والاقتصادي شكّل أرضية لصعوده كقائد محلي ثم إقليمي.
2 — التحول من تاجر إبل إلى قائد مسلّح
-
مع تفاقم النزاع في دارفور، برزت ميليشيات الجنجويد التي استخدمتها سلطات مركزية في فترات سابقة. دقلو استغل شبكاته القبلية والقدرة على التعبئة لتشكيل قوة مسلحة (لاحقاً دمجت في ما يسمى «قوات الدعم السريع») التي نمت وتمترست كمكوّن مسلّح فاعل سياسياً وعسكرياً في السودان. تقارير إعلامية ووثائق تاريخية توضح أن مساره شمل تحالفات متبدلة مع قوى نظامية وأخرى محلية.
3 — الاستحواذ على الثروة: الذهب والاقتصاد الموازٍ
-
استخدمت قيادة الدعم السريع نفوذها للسيطرة على مناجم ذهب في مناطق دارفور وغيرها، وتحوّل نشاط «الشركة العائلية/التجارية» المرافقة للقيادة إلى شبكة اقتصادية كبيرة (تجارة، نقل، استثمارات) أسهمت في تمويل القوة العسكرية وبناء عمود اقتصادي مستقل. هذه الشبكة جعلت دقلو من كبار الفاعلين الاقتصاديين في البلاد، وفق تحليلات خبراء.
4 — اتهامات بانتهاكات جسيمة وجرائم حرب
-
منظمات حقوقية دولية ومحلية ووثائق أممية ربطت عناصر من الجنجويد ثمّ من قوات الدعم السريع بوقائع عنف منهجي في دارفور، تضمنت عمليات قتل، تهجير قسري، واغتصاب جماعي، ووقائع تُصنّف ضمن جرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانية بحسب تقارير ميدانية مستقلة. تقارير حديثة لهيئات أممية ومنظمات حقوقية توثق تصاعداً في الانتهاكات مع توسع نشاط الدعم السريع في مناطق مختلفة.
5 — علاقات خارجية: من روسيا إلى الإمارات وليبيا
-
على مدى السنوات الأخيرة ظهرت تقارير صحفية واستقصائية تربط الدعم السريع وتحركاته بعلاقات خارجية متنوعة: تقارير تحدثت عن تعاون لوجستي وتقني مع فاعلين إقليميين ودوليين، ومن بينها اتهامات وسائل إعلام واستقصاءات بتلقي دعم لوجستي وتقني من جهات مرتبطة بدولة الإمارات، إضافة إلى تقارير عن اتصالات مع مجموعات ليبية ووجود شبكات نقل أسلحة ومرتزقة. هذه الروابط مدعومة بتحقيقات صحفية وتحليلات استخباراتية رصدت قنوات إمداد وأسواق ذهب تتقاطع مع أسواق في دبي وغيرها.
6 — الدور السياسي والعسكري بعد 2019 وحتى أحداث 2023-2025
-
بعد سقوط نظام البشير أصبح حميدتي لاعباً مركزياً في العقل السياسي الانتقالي في السودان، وحاز على مواقع نفوذ رسمية وشبه رسمية. فيما بعد تصاعد التوتر بين الجيش السوداني والقوات التي يقودها دقلو، وانبرى الصراع المسلح المفتوح منذ أبريل 2023 إلى مواجهات واسعة بين الطرفين، مع تبادل اتهامات بارتكاب فظائع وإخلال بالقانون الدولي الإنساني.
7 — الاتهامات بـ«المرتزقة» وارتباطه بالإمارات: ما تقول المصادر؟
-
تقارير استقصائية وتحقيقية (بما فيها بعض المنشورات البريطانية والامريكية والمنظمات الحقوقية) ربطت تمويل ودعمًا لوجستيًا لبعض شبكات الدعم السريع بقنوات إقليمية، ومنها اتهامات متكررة لوجود مصالح إماراتية في إمداد وتجهيز مجموعات مسلحة داخل السودان أو عبر ممرات إقليمية مثل بوساسو. هذه التقارير طرحت وصفات نقدية حادة بوصف تزايد الاعتماد على الدعم الخارجي بأنه يقوّض سيادة القرار المحلي ويحوّل بعض القادة إلى لاعبين يعملون بصلات ومصالح إقليمية — وهو ما يعبّر عنه خصومهم أحياناً بكلمة «مرتزقة».
8 — الأثر على المدنيين والأمن القومي
-
توسع نفوذ قوات الدعم السريع وأساليب تمويلها (بما في ذلك تحكمها في مسارات الذهب) أدّت إلى تفلّت أمني في مناطق واسعة، نزوح جماعي للسكان، وانهيار مؤسسات محلية. المنظمات الإنسانية والأمم المتحدة وثّقت أزمات إنسانية كبيرة مرتبطة بالقتال وعمليات العنف المسلّح.
9 — تقييم استخباراتي/سياسي (نقدي)
-
قوة موازية: حميدتي بنى قوة موازية للدولة قادرة على تحريك خرائط النفوذ في السودان وإقلاق الاستقرار الإقليمي.
-
شبكة مصالح: مصادر الثروة وطرق التمويل (كالذهب) شكّلت قاعدة اقتصادية سياسية صلبة تضمن لمجموعته استقلالًا عن بعض أجهزة الدولة.
-
تبعية خارجية محتملة: تزايد الأدلة الصحفية على علاقات لوجستية وسياسية مع جهات إقليمية يضع عنواناً للقلق: تحول بعض موارد القرار الميداني إلى أداة ذات بُعد إقليمي يخدم مصالح خارجية أحياناً.
10 — توصيات
-
توثيق مستقل ومنهجي: دعم فرق تحقيق حقوقي وصحفي دولي لمراقبة وتوثيق الانتهاكات وربطها بسلسلة قيادية واضحة للأدلة.
-
مراقبة اقتصادية لمصادر تمويل: فتح تحقيقات مالية دولية حول مسارات الذهب وتدفّقات الأموال ذات الصلة بعناصر مسلحة.
-
حظر وتجميد: مطالبة آليات دولية بجمْد أصول مرتبطة بالمتهمين حال وجود أدلة محكمة تُظهر تمويلًا مباشراً للأنشطة المسلحة.
-
حماية المدنيين والحدود: تعزيز آليات المراقبة المستقلة على الحدود والموانئ التي تُستخدم كممرّات إمداد.
-
تغذية الرأي العام: دعم منابر إعلامية مستقلة تنشر وثائق موثقة بدلًا من الشائعات السياسية.
📚 المصادر المفتوحة الرئيسية
-
ملف تعريف وتحليل صحفي لـ Reuters عن صعود حميدتي ودوره في دارفور.
-
مادة تاريخية وتحليلية من الجزيرة عن خلفية دقلو وتجارته بالإبل والذهب.
-
تقارير وتحقيقات Middle East Eye عن شبكات الإمداد الإماراتية وعلاقاتها مع الدعم السريع
-
بيانات وتقارير حقوقية والأمم المتحدة حول انتهاكات خطيرة في دارفور ومناطق أخرى نسبت إلى عناصر مسلحة منها الدعم السريع.
-
تغطيات صحفية وتقارير صحافية متراكمة (AP, Guardian) عن هجمات على منشآت صحية ومدنيين خلال النزاع.
الخلاصة الختامية
محمد حمدان دقلو (حميدتي) لم يكن فقط زعيمًا قبلياً أو تاجر إبل سابقًا؛ إنه نموذجٌ لتحوّل قائد مسلح إلى لاعبٍ سياسي واقتصادي موازٍ، بنفوذ ميداني وثروة سياسية واقتصادية. هذا التحول رافقه اتهامات متكرّرة بانتهاكات جسيمة وبشبكات تمويل وخطوط إمداد إقليمية، وهو ما يجعل منه محورًا لا يمكن تجاهله في أي معادلة للسلام أو المساءلة في السودان. التحدّي الآن أمام المجتمع الدولي والمحلي هو تحويل مواد التحقيق والتقارير الصحفية إلى إجراءات تحقق قضائية وشفافة تضمن مساءلة فعلية بدل التداول الإعلامي وحده.
✍️ السودان 24 | وحدة الرصد والتحليل الإعلامي — عمود رأي
📧 mediawatch@sudan24.news