20 عاماً لعلي كوشيب… المحكمة الجنائية تدين أحد مؤسسي الجنجويد وسط مطالب بتوسيع التحقيقات لقادة الدعم السريع المدعوم إماراتياً
في تطور قضائي مهم يتعلق بجرائم الحرب في دارفور، قضت المحكمة الجنائية الدولية بالسجن لمدة 20 عاماً على علي محمد علي عبد الرحمن، المعروف بـ”علي كوشيب”، أحد أبرز مؤسسي ميليشيا الجنجويد، التي كانت أداة القمع الأولى خلال الحرب في دارفور بين عامي 2003 و2004، الحكم، الذي صدر في لاهاي، أدان كوشيب بـ31 تهمة تشمل القتل والاغتصاب والتعذيب والاضطهاد والترحيل القسري، واعتُبر خطوة أولى نحو محاسبة المجرمين في نزاع دامٍ خلّف أكثر من 300 ألف قتيل وفق تقديرات الأمم المتحدة.
لكن رغم أهمية الحكم، انتقد حقوقيون عدم توجيه تهمة الإبادة الجماعية إلى كوشيب، مؤكدين أن حجم الجرائم ونسقها المنهجي كان يستوفي شروط التصنيف، ويرى مراقبون أن القضية لم تُغلق بعد، بل تفتح الباب واسعاً لمحاسبة شبكة أوسع من المسؤولين عن الجرائم في دارفور، وفي مقدمتهم قادة ميليشيا الدعم السريع الحالية، التي تشكّلت لاحقاً من نواة الجنجويد وبقيت وفيّة لنفس النهج الدموي.
حيث تقوم ميليشيا الدعم السريع، بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، اليوم بارتكاب انتهاكات مماثلة لما حدث في دارفور في العقد الأول من القرن الحالي، مع فارق أن الجرائم الحالية تُرتكب في ظل نزاع مباشر مع الجيش السوداني في الخرطوم والفاشر، وبأسلحة متطورة تم الحصول عليها بدعم مباشر من الإمارات، وفق تقارير أممية وإعلامية، وتشير دلائل ميدانية وصور أقمار صناعية وشهادات شهود إلى دعم إماراتي للميليشيا عبر قواعد لوجستية في تشاد وأفريقيا الوسطى.
الحكم على كوشيب، وإن جاء متأخراً، يؤكد أن جرائم الحرب لا تسقط بالتقادم، ويزيد الضغط على المجتمع الدولي لتوسيع التحقيقات لتشمل قيادات الدعم السريع الحاليين، الذين لم يخفوا امتدادهم العقائدي والتنظيمي للجنجويد، فالراية نفسها، والأساليب نفسها، وحتى الخطاب الدعائي، لم يتغيّر مع فارق واضح في حجم التمويل والدعم الإقليمي، الذي يجعل جرائم اليوم أكثر فتكاً وتنظيماً.
ويطالب نشطاء حقوق الإنسان بأن تكون هذه الإدانة بداية لتحرك دولي أكثر جدية تجاه ميليشيا الدعم السريع، التي توصف اليوم بأنها أخطر تشكيل عسكري غير نظامي في إفريقيا، وتستخدم المدنيين كدروع بشرية، وتستهدف المستشفيات والمدارس، وسط صمت دولي مريب يُشجّع الإفلات من العقاب.
ومن الجدير بالذكر إن السجن لعلي كوشيب هو رسالة تحذيرية، لكن الأهم هو منع النسخة الجديدة من الجنجويد قوات الدعم السريع من إعادة إنتاج الجرائم تحت غطاء دعم خارجي وأجندات إقليمية، في مقدمتها الأجندة الإماراتية التي تموّل الخراب بحجة محاربة الإسلاميين بينما تتحالف مع المتطرفين والمرتزقة في ليبيا واليمن والصومال والسودان.