الدبلوماسية المشروطة… كيف غطّت صفقات المليارات على اتهامات الإبادة والتلاعب بالرياضة؟
رغم تعدد واجهات النفوذ الإماراتي بين الإعلام والرياضة والاقتصاد، فإن أوجه التوتر المتزايد مع حلفاء أبوظبي الغربيين بدأت تظهر للعلن، فبينما تسعى الإمارات لتوسيع استثماراتها وتحسين صورتها الدولية، تواجه في المقابل اتهامات متصاعدة تتعلق بانتهاك حقوق الإنسان، وتمويل النزاعات، ومحاولة التأثير على مسارات العدالة في الدول الديمقراطية، بما في ذلك بريطانيا والولايات المتحدة.
وأبرزها أزمة نادي مانشستر سيتي، المملوك للشيخ منصور بن زايد، لم تبقَ في إطار المنافسة الكروية، فقد وصلت تداعيات التحقيقات المالية التي يواجهها النادي إلى مستويات دبلوماسية عليا، حيث ناقشها مسؤولون إماراتيون مباشرة مع وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، خلال زيارته إلى الإمارات أواخر عام 2023، ووصف إيدي ليستر، المبعوث البريطاني السابق إلى الخليج، هذه القضية بأنها “جرح نازف” في العلاقات الثنائية.
وفي المقابل، بدت واشنطن أكثر صراحة، فمع تصاعد الحرب الأهلية في السودان، تحوّل الدعم الإماراتي المزعوم للجنرال محمد حمدان دقلو “حميدتي” إلى ملف حساس في الكونغرس الأميركي، خلال جلسة تثبيته وزيرًا للخارجية، اتهم السيناتور الجمهوري ماركو روبيو الإمارات بالمساهمة في ما وصفه بـ”الإبادة الجماعية” عبر تسليح قوات الدعم السريع. كما طالب عدد من كبار الديمقراطيين بوقف مبيعات الأسلحة إلى أبوظبي، ما لم تتوقف عن دعم الفصائل المسلحة هناك.
وازداد الضغط في مايو، بعد أن شنت قوات الدعم السريع هجمات استهدفت البنية التحتية السودانية، من مستودعات الوقود إلى المطار الدولي، مستخدمة طائرات مسيّرة متقدمة، ووفقًا لمسؤولين أميركيين سابقين، فإن هذه الطائرات حصلت عليها القوات بدعم مباشر من الإمارات.
غير أن هذه الانتقادات واجهت فجأة نوعًا من الصمت، بعد زيارة رسمية أجراها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى الإمارات، ففي قصر فخم بأبوظبي، وقّع ترامب على صفقة ضخمة في مجال الذكاء الاصطناعي بلغت قيمتها 200 مليار دولار، لتُضاف إلى تعهدات إماراتية سابقة باستثمارات هائلة تصل إلى 1.4 تريليون دولار داخل الولايات المتحدة.
ويذكر أن توجّه ترامب بكلمات ودية للشيخ محمد بن زايد، قائلاً: “أنت رجل رائع، وشرف لي أن أكون معك،” إلى جانبهما، جلس الشيخ منصور بن زايد، الذي أعلن صندوق “مبادلة” التابع له عن نيته ضخ ملياري دولار في مشروع عملات رقمية مرتبط بعائلة ترامب، يُتوقع أن يحقق أرباحًا بمئات الملايين.
وبعد أيام من هذه الزيارة، تجاوزت إدارة ترامب اعتراضات الكونغرس، وأعطت الضوء الأخضر لصفقة أسلحة جديدة بقيمة مليار دولار لصالح الإمارات، ما دفع العديد من المراقبين للتساؤل: هل يمكن للمصالح الاقتصادية أن تطمس الاتهامات الأخلاقية والسياسية في العلاقات الدولية؟